السبت، 28 ديسمبر 2013

الصحافة الإكترونية المغربية ومأزق معاييرالمهنية :عبده حقي*

نشرت من طرف : ABDOUHAKKI  |  في  3:32 ص

الصحافة الإكترونية المغربية ومأزق معاييرالمهنية :عبده حقي*
يتأكد يوما بعد يوم تجذردورالصحافة الإلكترونية في المشهد الإعلامي المغربي على إختلاف أسانيده الورقية والسمعية البصرية وغيرها .
يتأكد هذا أساسا من خلال إعتماد أشهرالفضائيات العربية والصحف الدولية السيارة وغيرها لبعض المواقع الإلكترونية المغربية مصدرا موثوقا لمختلف المعلومات والأخبار. وبالتالي قد نستطيع القول من خلال هذا المؤشرأن الصحافة الإلكترونية قد بدأت تتجاوزشيئا فشيئا مرحلة مأزق البدايات الموسومة بالريبة وغياب المصداقية والإستخفاف بدورها الإخباري قبل الإعلامي منذ أواسط العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين ، وماكان ليتحقق لها هذا الحضورالراهن والوازن سواء على مستوى المغرب أوالعالم العربي لولا تضافرالعديد من العوامل الحاسمة التي ترتبط أساسا ببعض الشروط البنيوية أهمها :
1 ــ الإنتشارالأفقي للإنترنت وتمكين جميع شرائح المجتمع من الربط الشبكي وتزويد السوق بتوابعه من أجهزة إلكترونية متطورة مثل الحواسيب الثابتة والمحمولة والموديمات ومختلف الحوامل الحديثة الأخرى .
2 ــ تطوروعي جمهورالمتلقين بضرورة مواكبة مستجدات تكنولوجيا المعلومات والإتصال بسبب التدفق الهائل لموجات وصلات الإعلانات والإشهارات المرئية والمسموعة والمطبوعة .
3 ـــ تحفيزالمستهلكين على إقتناء هذه الأجهزة واتساع ثقافة التبضع الإلكتروني في أوساط الإجتماعية ومختلف الشرائح العمرية بالرغم من تذبذب القدرة الشرائية ..
4 ـــ إنخراط العديد من الفاعلين المهتمين بالمجال الصحفي في هذه الثورة التواصلية الرقمية بما أتاحته من جسورجديدة للتواصل مع المتلقي وماأتاحته أيضا من تطويرلمهاراتهم الصحفية على المستويين الأفقي والعمودي
كل هذه العوامل وعوامل أخرى قد تكون غابت عنا أدت إلى خلق إن لم نقل صنع متلق مغربي جديد خصوصا في فئة الشباب بمؤهلات ومهارات تلق واستيعاب تتساوق مع هذه الأسانيد الرقمية الجديدة التي تختلف في تقاليد تلقيها كما هو معلوم عن الأسانيد السمعية البصرية والورقية على الخصوص والتي رسخت منذ نصف قرن أوأكثربقليل لدى المتلقي بشكل عام مستوى إقرائي سلبي يفتقد لأية تفاعلية مباشرة على السند اللهم إلا إذا أشرنا إلى تحفيزه على تشغيل آلياته الذهنية ومخياله لتمثل أشخاص وفضاءات وصوروسيناريوهات أحداث ذات أبعاد إجتماعية أوسياسية ..إلخ
ومن دون شك أن الصحافة الورقية في بلادنا قد راكمت تجربة إعلامية وازنة ومهمة على المستوى العربي تضافرت في تألقها ودورها الإعلامي المتميزالعديد من العوامل الذاتية والموضوعية لعل أبرزها عامل المهنية العالية خصوصا في بعض المنابرالسيارة الحكومية ثم في مرحلة لاحقة في المنابرالمستقلة التي راهنت على جعل الصحيفة الورقية مؤسسة مقاولاتية ترتكزعلى الكفاءة التخصصية والمعالجة الخبرية الإحترافية والتحريرالمتناسق والمسؤول فيما كانت وماتزال الجرائد الحزبية على إختلاف تياراتها الإيديولوجية والسياسية اليمينية أو اليسارية تحتفي بالدرجة الأولى بآليات خطابها السياسي وتطويربنياته السجالية إنسجاما مع مشروعها الديموقراطي والنضالي .
ومهما يكن من أمرومهما إختلفت الأهداف والغايات سواء أكانت سياسية أم إقتصادية ومهما إختلفت أهداف جماعات الضغط في هذا المنبرأو ذاك فلاأحد ينكردورالمهنية في الإرتقاء بأية مؤسسة أوأي قطاع سواء أكان عاما أم خاصا .
إن دورالمهنية في قطاع الإعلام المكتوب والإلكتروني والسمعي البصري لاتختلف من حيث مرتكزاتها الشمولية باعتبارها أحد أهم دعامات النهوض بالمؤسسة الإعلامية بمعنى آخروصريح لامكان في هذا المستوى للعمل الهاوي أوالفضولي
فالمهنية مكون أساسي ضمن مكونات الإطارالمنتج لقيمة من القيم الرمزية أو المادية في أي مجال من مجالات النشاط الإنساني وتعتبرشرطا أساسيا لنجاح أي إنتاج مادي أو معنوي وهي لاتختلف عن الكفاءة والحذق باعتبارهما تملكا لكل المؤهلات والأدوات والآليات الذهنية والحركية لإنجاح منتوج ما
وقد تكتسب المهنية من خلال مستويين إثنين أوهما معا :
أولهما التخصص في مجال مهني وظيفي قد يتطلب سنوات من التكوين والتدريب والمناولات الذهنية والحركية وتملك لمهارات في تخصص من التخصصات التقنية أوالأدبية أوالعلمية أوالهندسية قصد الحصول على ديبلوم أوشهادة تثبت إلمام الشخص بضوابط المهنة التي سوف تمكنه من مزاولة عمله في سوق التشغيل .
ثانيهما عن طريق التجربة والتكوين الذاتي والإحتكاك بتجارب الرواد الزملاء والتمرس والذكاء فقد أثبتت العديد من التجارب نجاعة التكوين الذاتي والدربة في خلق أفراد مهنيين بمهارات فائقة تمكنت من الإيفاء بمتطلبات ومعاييرسوق الإنتاج والإستهلاك بمختلف تجلياته المعنوية والمادية بل لقد أثبتت الكثيرمن الحالات لأشخاص عصاميين تمكنوا من إنجاح تجاربهم وأعمالهم بشكل أجدى وأنجع من أفراد آخرين تلقوا تكوينا أكاديميا وبيداغوجيا وعلميا في نفس المجال ، فمثلا جيل الصحافيين الرواد في المغرب منذ خمسينات القرن الماضي إلى حدود أواسط السبعينات جلهم لم يتلقوا أي تكوين أكاديمي في مجال الصحافة أوعلوم الإعلام حيث أن أغلبهم قد وفدوا على الحقل الصحافي من بوابة التحصيل الثانوي أوالجامعي الأدبي اوالقانوني أومن ثقافة الإنتماء السياسي فقط وهم يشكلون اليوم أعمدة الصحافة والإعلام المغربيين ومفخرتهما ومنهم من لازال يزاول مهمته بكل مهنية ومسؤولية وعزم بالرغم من تعب عشرات العقود من العمل .
مامعنى المعايير:
المعاييرهي المقاييس الأولية .. المحددات المتوافق حولها علميا .. الأقانيم الأساسية المتعارف عليها تقنيا .. الشروط الضرورية للإطارالمنتج والتي تجعل من عمل ما ، من إنتاج ما يبلغ درجة (الكمال) (le parfait ) أوالإستحسان وتصريف ميثاق الجودة أوالرغبة أو الفائدة أوالمتعة أوأي علاقة من المطالب البراغماتية الصرفة بين المنتج والمستهلك ، بين السند الإعلامي والمتلقي .
إن هذه المعاييرالمهنية وإن كانت تلتقي في تقاطعات وقواسم بين جميع الأسانيد الإعلامية باعتبارها ميثاقا عاما فإنها تختلف في الكثيرمنها إنطلاقا من خصوصية السند الإعلامي المنتج للمادة الخبرية .
فالمعاييرالمهنية في المنبرالورقي تختلف عنها في المنبرالإذاعي وهذه تختلف عن تلك في المنبرالتلفزي وهذه كلها تختلف عن المنبرالإخباري الإلكتروني ، بحيث إن هذا الأخيرالذي إحتدت خطورته الإعلامية باعتباره أضحى وعاءا إعلاميا شاملا لجميع المنابر السالفة الذكرقد يمكنه أن يستوعب كل الأسانيد السابقة بما يتوفرعليه من إمكانات رقمية تتيح له إدراج العديد من الروابط التشعبية والصورالمتحركة وومضات الفلاشات المغرية أومقتطفات من فيديوهات مصورة لأحداث أووقائع حدثت هنا أوهناك وبثتها القنوات الفضائية مما جعل الموقع الإلكتروني اليوم في مأزق أكثرمن أي سند آخرلضرورة إحترامه لمهنيات متعددة وليس مهنية واحدة إن صح التعبيرسواء على المستوى الوطني أوالكوني على إعتبارأن الإنترنت قد هدم تلك الحدود التقليدية بين الدول والجماعات الإنسانية ، فلم تعد الأفكاروالمعارف ولاالمعلومات أوالأخبارحبيسة اسوارجغرافيا معينة أوحبيسة إرغامات الرقابة القبلية أوالبعدية أوقرارات المنع الجائرة ، فالعالم أضحى اليوم كوكبا من زجاج تظهربداخله بشكل علني كل أطياف إثنياته وثقافاته وخصوصياته وحالات توتره أوهدنته ، كما لم يعد بمقدورأي سلطة حاكمة محاصرة فكرة ما معارضة سوى باللجوء إلى شل الربط الشبكي أواللجوء إلى منع المواقع أوالمدونات المناهضة لسياساتها وهذا إجراء يتعارض بشكل قطعي مع حق الإنسان في التعبيرعن إنشغالاته كما هو متعارف عليه عالميا
إن الإنسانية تعيش راهنا طوفان المعلومة بكل ما قد تنطوي عليه هذه الأخيرة من تعزيزأوتهديد للإستقرارالداخلي وبكل ما قد تنطوي عليه أيضا من ألغام سامة للتشكيك في في القيم العليا للوطن أوالإسهام في ترسيخها وكل هذا في إطارإحترام للحريات الفردية أوالجماعية كما هومتعارف عليها عالميا وكما أقرت بذلك الدساتيرالديموقراطية والمنظمات والهيآت الحقوقية المحلية والدولية .
وما من شك في أن الصحافة الإلكترونية في المغرب تعيش منذ عشرسنوات دينامية متفردة على مستوى المنطقة المغاربية والعالم العربي غيرأنها دينامية موسومة بنوع من الفوضى والإهتزازات في القيم الأخلاقية والترامي على أتعاب المهنيين الآخرين صانعي الأخبارومحرريها ولقد أسهم أيضا في خلق هذا الوضع الملتبس والضبابي غياب قانون ينظمها وأيضا من جانب آخرانفجارالثورة الرقمية ومرونة تملك أدواتها وتسخيرها من أجل فرض الذات والتعبيرعن آمالها وآلامها من خلال إنشاء وسائط للتفاعل مع المتلقي أومع جهة ما في السلطة من السلط الثلاث عبرالمدونات والمنتديات والمواقع الإلكترونية الإخبارية وأخيرا مواقع التواصل الإجتماعية (الفيسبوك والتويترواللانكد) هذا فضلا عن ظهورشركات تصميم مواقع إلكترونية وبأبخس الأسعارإذ أن أشهرالمواقع الإخبارية الإلكترونية في المغرب اليوم لم تتعد تكلفة تأسيسه سنة 2007 أكثرمن 2000 درهم مغربي بينما تقدرعائدات إعلاناته اليوم بعشرات الملايين من السنتيمات .
ولم يكن إقتحام مجال الصحافة الإلكترونية من طرف العديد من الشباب الذين جل الممارسين فيهم تتراوح أعمارهم ما بين 25 و45 لدى الرجال بنسبة 63 % وما بين 20 و35 سنة لدى النساء بنسبة 26 % (حسب دراسة ميدانية أنجزتها الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية) لم يكن إقتحامهم لمجال الصحافة الإلكترونية سوى مغامرة إفتراضية تروم بالأساس :
1 ــ إحتواء الزمن الضائع إذ أن نسبة هامة من هؤلاء الشباب يتوفرون على مستوى تعليمي جامعي بيد أن الكثيرمنهم عاطلون عن العمل .
2 ــ محاربة الإقصاء الإجتماعي والإقتصادي والسياسي من خلال تأسيس منبرإلكتروني يكون جسرا للتواصل مع الجهات المسؤولة والمجتمع المدني سواء على مستوى الجهة أوالمركز.
3 ــ الرغبة في الإنخراط في عوالم تكنولوجيا المعلومات والإتصال وماتتيحه على المستوى السيكولوجي والإجتماعي من تحقيق لفرض الذات وإظهاركفاءاتها في مضمارالرقمية و التقنية .
3 ــ مجارات تجارب شباب آخرين في عالم النشرالإلكتروني الإخباري خصوصا ماتعلق ببعض المواقع الإلكترونية الرائدة التي حققت شهرة وطنية وفي أوساط الجالية المغربية في الخارج . غيرأن كل هذه الأهداف الخاصة والعامة لم تكن من منطلق وعي مسؤول بأن إرتياد هذه المغامرة هوقبل كل شيء ممارسة إعلامية وإخبارية وصحفية أكثرمما هوهدف للبحث عن صوت فردي أوجماعي في خضم الضجيج الكوني الذي أحدثته الإنترنت مما جعل من مهنة المتاعب الحديثة (الصحافة الإلكترونية ) في غالب الأحيان مهنة من لامهنة له على إعتبارأن جل ممارسيها يفتقدون إلى الإحاطة الشاملة بمعاييرالمهنية وأسسها وأخلاقياتها .
ـــ ماهي معاييرالمهنية بين الصحافة الإلكترونية والصحافة الورقية
تشترك الصحافة الإلكترونية والصحافة الورقية في العديد من القواسم المتعلقة بمعاييرالمهنية أهمها :
1 ــ التكوين والتخصص وهما من الشروط الأساسية في سيرة الصحافي في أي قطاع من القطاعات الإعلامية الورقية أوالسمعية البصرية .
2 ــ التجربة أوالإحتكاك بتجارب الرواد وتقاليدهم الطليعية في مقاربة المادة الإعلامية وتحريرها .
3 ــ التحرير: من خلال صياغة المادة الإعلامية بلغة سليمة ودقيقة مختصرة وهادفة ومتماشية مع الخط التحريري إذا كان الموقع الإلكتروني الإخباري يعتنق خطا تحريريا مسؤولا يميزه عن المواقع الأخرى .
4 ــ الموضوعية : وتعني مقاربة ومعالجة المادة الخبرية برؤية تحريرية مجردة من أية خلفية ذاتية أوحسابات لصالح لوبيات تروم تشويه جوهرها من تحويرالرأي العام إلى وجهة أوموقف ما …  والموضوعية لايمكن أن تتحقق إلا بالعمل في جومن الإستقلالية في كل الأحوال .
5 ــ مصادرالخبر: يعتبرالخبروالمعلومة وما يدورحولهما من أساليب الصياغة والتعاليق أساس ومحرك أي منشأة إعلامية سواء أكانت ورقية أوسمعية بصرية أو إلكترونية ، وهي أيضا المحفزللمتلقي المفترض الشغوف بالبحث بل بالعيش في غمارمحيطه وبكل ما يحفل به من مستجدات في جميع المجالات وبالتالي تكون مصداقية الخبروالمعلومة هي روح العمل الإعلامي ولايمكن أن تتحقق هذه المصداقية إلا بربط المعلومة والخبر بمصدرهما الرئيسي وذلك بالإشارة إليه إن كان مراسلة أوتصريحا خاصا أونقلاعن مصدرإعلامي آخرسواء في آخرالمادة الإعلامية أوفي مقدمتها
6 ــ أن يتعهد بكتمان مصدرالمعلومة سواء كانت سياسية أو إقتصادية أو أمنية أو إدارية ما يعني حماية مصدرالمعلومة المفترض من أي شكل من أشكال العواقب الوخيمة الناتجة عن إشاعتها ونشرها
ــ ماهي مميزات معاييرالمهنية في الصحافة الإلكترونية ؟
من دون شك أن الصحافة الإلكترونية قد خلقت وضعا إعتباريا جديدا لمهنة الصحافي في الظرف الراهن . فإذا كانت الصحيفة الورقية قد كرست تقاليد إشتغالها منذ عقود ضمن مؤسسة قائمة الذات برقم إيداع قانوني ومقرومراسلين وفريق تحريرورواتب شهرية وتعويضات عن مهمات التنقل والإقامة وبطاقة مهنية وقانون منظم للمهنة ونقابة وطنية واتحادات عربية ودولية ..إلخ فإن الصحافة الإلكترونية والتي ينعتها البعض بصحافة (البيجاما) قد مكنها الإنترنت والرقمية من تجاوزكل هذه البنية التحتية المكلفة لصناعة الخبروالإستحواذ على المعلومة من أجل إستقطاب عشرات الآلاف من القراء في اليوم الواحد من خلال التحيين اللحظي للمعلومة والتعليق عليها أوحذفها كلما بدا ذلك ضروريا لسبب من الأسباب والإعتذارأولا للقراء ثم للجهة المتضررة من الحذف وتبريرذلك في تعليق أومراسلة أوبيان حقيقة كل ذلك بهدف صناعة المتلقي الواثق والإيجابي والمتفاعل مع المادة الإعلامية من خلال إثراء المعلومة بالتعليق الجاد والهادف والذي قد يشكل إمتدادا للمعلومة نفسها … إن هذه التعاليق هي ما يختزل صورة الرأي العام والقضايا التي تشغله وهي قد تقلب موازين القوى السياسية المتصارعة ضمن إستحقاقات ما أوقد تعلي من شأن هذه المؤسسة اوهذه الشخصية أو تلك وتؤثرفي رأي النخبة التي بدورها قد تؤثرفي وسطها الإجتماعي .
بالإضافة إلى المعاييرالمهنية التي تشترك فيها الصحافة الإلكترونية بالصحافة الورقية والتي أشرنا إليها سابقا هناك مجموعة من المعاييرالتي تختص بها الصحافة الإلكترونية ومن بينها :
1 ــ الإلمام بالمبادئ الأولية للثقافة الرقمية باعتبارها القاعدة الأساسية التي ينهض عليها كل مظهرمن مظاهرالنشرالإلكتروني .
2 ــ أن يملك الصحافي الإلكتروني رؤية ثقافية وفنية وتقنية وجمالية واسعة تؤهله ليجعل من موقعه الإخباري منبرا جذابا ومزارا إخباريا طليعا للآلاف من الرواد كل يوم .
3 ــ الإلمام بأبجديات التحريرالصحفي الخاص بالجريدة الإلكترونية والذي يتطلب الإيجازوالإختصاروالتركيزعلى الوحدات الأساسية للمادة الإعلامية لجعلها مادة خفيفة وسريعة الهضم إذ أن القارئ والمتلقي المفترض اليوم يجد نفسه محاصرا بالعديد من الحوامل التي تمده بالمعلومة الطرية في كل لحظة وحين من الفضائيات العملاقة إلى خدماتها الإخبارية على رسائل الإمايل والهواتف المحمولة والرسائل النصية القصيرة وشبكات التواصل الإجتماعية والمحطات الإذاعية والجرائد الورقية الموزعة مجانا في بعض المرافق العامة مثل المقاهي والمكاتب الخاصة وغيرهذا من مظاهرإغراق المجتمع في بحرالمعلومة الجديدة .
4 ــ أن يجعل من المادة الخبرية المرفقة بوثيقة من الوثائق كالصورالثابتة أوالمتحركة أو أي ملف صوتي أوفيديومادة متكاملة إذ لايجب أن يكون نص المقال وصفا أو تعليقا يكرروقائع الوثيقة وإنما مقدمة تضع القارئ في سياق مضمون الوثيقة من خلال إحالته على حدث سابق له علاقة بها من خلال إضافة تفاصيل أخرى هامة لم تتضمنها الوثيقة موضوع المادة الخبرية وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى أن الرقمية وتقنياتها السحرية والغرائبية قد جعلت منها سيفا ذا حدين حيث بالإضافة إلى كونها قد خلخلت قيمتا المكان والزمان وهوية الإنسان والمجتمعات فإنها في وجهها المتخفى عنا قد أضحت أيضا سلاحا فتاكا للتغليط الإعلامي من خلال فبركات صوروفيديوهات وملفات صوتية التي بمقدورها أن تتلاعب بالرأي العام ويمكن أن نذكرفي هذا السياق مثلا بتلك الصورة المفبركة ببرنامج الفوتوشوب التي نُشرت على الصفحة الأولى لجريدة “الأهرام” المصرية وأظهرت الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وهو يتقدم الوفد المشارك في المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في واشنطن. في حين يظهر خلف الرئيس مبارك باقي القادة وهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما والعاهل الأردني عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وهم في طريقهم للمشاركة في مؤتمر صحفي . وبالتالي فإن مهنية الصحافي الإلكتروني تستوجب التحري الدقيق من كل وثيقة أو ملف مرفق
5 ــ الإلتزام التام بالقوانين المنظمة للمهنة بالإضافة إلى الإلتزام أيضا بأخلاقيات المهنة التي تؤطرمهنة الصحافة بشكل عام وحسب الأعراف والأخلاق المتفق عليها محليا وعالميا والتي ترعاها هيآت المجتمع المدني والهيآت الصحافية الدولية مثل مراسلين بلا حدود إلخ
6 ـــ إحترام الملكية الفكرية :
من بين المعاييرالأساسية والمثيرة للجدل ليس في مجال الصحافة الإلكترونية فحسب وإنما في جميع مجالات الخلق والإبداع والإنتاج والإبتكاروالبحث معيارإحترام الملكية الفكرية ، ومن دون شك أن الإنترنت كوسيط للتواصل وأضخم إنسيكلوبيديا معرفية وعلمية كونية متاحة للجميع وبأبخس التكلفات المالية والمادية قد فتح الباب على مصراعية للسرقات الفكرية عن طريق الوصفة السحرية (نسخ ⁄ لصق) إما عن طريق تظليل النص ونسخه على الوورد أو عن طريق نسخه بطريقة تقليدية كلمة بكلمة وجملة بجملة على الورق ، وهنا تكون السرقة موصوفة ويسهل إلقاء القبض على مقترفيها لكن أسوء هذه السرقات وأبغضها في مهنة الصحافة بشكل عام هي التي يعمد فيها اللصوص إلى تحويرشكل النص والسطوعلى فكرته المحورية العامة وهوما يشاع في أوساط بعض الصحافيين بشيفرة  (محومعالم الجريمة ) والأمريتعلق هنا أساسا بالصحافة بشقيها المكتوبة اوالإلكترونية . لكن لابد من الإشارة هنا إلى أن الأمرفي الصحافة لإلكترونية أعقد من الصحافة الورقية بالنظرإلى تنوع المادة الإخبارية الإلكترونية بين صورمتحركة (image en gif animé ) أوفيديوهات أوملفات صوتية أوروابط تشعبية أوغيرها من الإبداعات الرقمية التي تحتمل نقل معلومة أوخبرأو إعلان ما وعليه فمن أوجب الواجبات إحترام الملكية الفكرية للغيرعبرآليات مهنية وأخلاقية وقانونية تتعلق أساسا جميعها بالإشارة إلى المصدرأوالإتفاق المبدئي مع المرجع .
7 ــ أخيرا عدم تزويرعداد الموقع بهدف إيهام الزوارالجدد بديناميته لدى المستخدمين .
خاتمة :
إن كل هذه القواعد والمقومات التي تنهض عليها مهنية العمل الصحفي الإلكتروني لن تكون ذات جدوى إلا إذا كان الصحافي على وعي عميق بجسامة الدورالخطيرالذي يقوم به في نقل أي خبرومعلومة وتعميمها على جميع المتلقين وأن يكون على وعي مسؤول أيضا بهذه اللحظة التاريخية التي يمربها المشهد الإعلامي المغربي والعالمي بجميع أسانيده . إن الأمر لايتعلق بلعبة إلكترونية نجزي بها الوقت الثالث ونتباهى بها في ساحة الموضة الإلكترونية العارمة لمواكبة العصرفي الحقل الإعلامي وإنما نحن نستثمرحاملا إلكترونيا يختزل كل معالم هوية أصالتنا وحداثتنا وذاكرتنا الجمعية الرقمية في الوقت الراهن كما في المستقبل بنفس الأهمية والدورالذي قامت به ملايين المكتبات الورقية في العالم باعتبارها تراكما وتراثا ينقل إلينا ذاكرة وعلوم وأخبارالأسلاف قبل مئات الآلاف من السنين . فهل نفكراليوم كإعلاميين عبرالصحافة والنشرالإلكترونيين ماذا سوف ننقل من معارف وعلوم وأخبارإلى الأجيال القادمة بعد عشرات أوربما مئات السنين … علينا إذن أن نحاسب أنفسنا اليوم قبل أن يحاسبنا التاريخ في المستقبل .
عبده حقي قاص وروائي مديرموقع إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة http://www.ueimarocains.com

نص الورقة التي أسهمت بها في ملتقى الصحافة الإلكترونية الذي نظمته جمعية سواعد متحدة بشراكة مع السفارة الأمريكية بمدينة سلا 

التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

الآراء الواردة في المقالات والبلاغات تعبرعن أصحابها وليس إدارة التحريرــ الآراء الواردة في المقالات والبلاغات تعبرعن أصحابها وليس إدارة التحرير
back to top